نزهة خطرة
مشيت ساعة مِشْيَةَ مَنْ لا يعرف همًّا من هموم الدّنيا، مشية المتنزّه المسحور، بل المتعبّد المحبور، فنسيت المسافات والوعور، ونسيت المهاوي والصّخور المعلّقة. أجل لقد سُحِرْت بما شاهدت من روائع التّكوين، وبما استنشقت من أريج الأزاهير والرّياحين، وبما سمعت من ألحان السَّكينة الموشَّاة بذهب الشَّمس.
وما أدركت أنّي مسحور إلّا عندما فوجئت بالخطر المهلك، وأنا واقف على حافَّة الهاوية، فانهارت الأرض تحت قدميّ، فرحت متزحلقًا ثمّ سابحًا على ظهري بضعة أمتار، فأنقذتني شجيرة من الآس تشَبَّثْتُ بها وعُدت أدبُّ على الطَّريق سالمًا والحمد للّه.
ذكّرتني هذه الزحلقة بما ينهار أحيانًا من الجبال نفسها، إبَّان الزلازل، فتَنْفَلِت صخرة من بين أخواتها، أو ينفصل جزءٌ من الجبل عن أصله، ويروح سابحًا أو متدحرجًا إلى أعماق الوادي.
أمين الريحاني
قلب لبنان صفحة 107